26 - 06 - 2024

كلام لبكره | عودة حراس البوابة

كلام لبكره | عودة حراس البوابة

الشيء المؤكد لكل من يعمل في مجال الإعلام هو. أنه كلما ارتفع سقف الحريات العامة نشطت وسائل الإعلام وأصبحت لها قيمة في المجتمع، وكلما انخفض سقف الحريات تضاءل دور الاعلام وانزوى، والشيء المؤكد ايضا ان اي حكومة تريد السيطرة على وسائل الإعلام وجعلها الناطق بلسانها والمعبر عنها، وليس المعبر عن هموم ومال المجتمع، ولذلك تلجأ الحكومات إلى الاستعانة بنظرية حراس البوابة لتحد من دور وسائل الإعلام، ويبدو أن أنصار هذه النظرية أصبحوا كثر في هذه الأيام .

تقول نظرية حارس البوابة لعالم النفس النمساوي الأصل والأمريكي الجنسية كيرت ليوين: أنه على طول الرحلة التي تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور المستهدف توجد نقاط "بوابات" يتم فيها إتخاذ قرارات بما يدخل أو يخرج، وكلما طالت المراحل التي تقطعها الأخبار حتى تظهر في الوسيلة الإعلامية تزداد المواقع التي يصبح فيها من سلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو بعد إدخال تعديلات عليها، ويصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات له أهمية كبيرة في انتقال المعلومات.

وأشارت الدراسات الإعلامية إلى أن الرسالة الإعلامية تمر بمراحل عديدة وهي تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي، وتشبه هذه المراحل السلسة المكونة من عدة حلقات، أي انها سلسلة متصلة الحلقات. ومن الحقائق التي أشار اليها كيرت ليوين أن هناك في كل حلقة بطول السلسة فردا ما يتمتع بالحق في أن يقرر ما اذا كانت الرسالة التي تلقاها سيحررها كما هي إلى الحلقات التالية، أم سيزيد عليها أو يحذف منها أو يلغيها تماما، ومفهوم حراس البوابة يعني السيطرة على مكان استراتيجي في سلسلة الاتّصال، بحيث يصبح لحارس البوابة سلطة اتخاذ القرار فيما سيمر من خلال بوابته، وكيف سيمر حتى يصل في النهاية إلى الجمهور المستهدف.

وهناك عوامل تؤثر على حارس البوابة الإعلامية وهي اربعة، معايير المجتمع وقيمه وتقاليده، ومعايير ذاتية تشمل عوامل التنشئة الاجتماعية والتعليم والاتجاهات والميول والانتماءات والجماعات المرجعية،ومعايير مهنية وتشمل سياسة الوسيلة الإعلامية ومصادر الأخبار المتاحة وعلاقات العمل وضغوطه، ومعايير الجمهور وتوقعاته عن ردود فعل الجمهور تجاه الاخبار المنشورة .

في عهد ثورة ١٩٥٢ وحتى ثورة ٢٥ يناير كان انصار هذه النظرية نشطون للغاية، ويطبقونها. بأشكال مختلفة على وسائل الإعلام، وصل تطبيقهم إلى عدم ثقتهم في حراس البوابة الموجودين في وسائل الإعلام ففرضوا رقيبا حكوميا على جميع هذه الوسائل حتى لا تمر اي مادة إعلامية الا بعد إجازتها منه، وبعد ثورة يناير تنفست وسائل الإعلام الصعداء وارتفع سقف الحريات، وذلك حتى منتصف ٢٠١٣ ثم عدنا من جديد الى تطبيق نظرية حارس البوابة والذي لا يمرر اية مادة إعلامية إلا بعد التأكد من انها لا تنتقد الأوضاع او نظام الحكم، ويبدو ان هذه الرؤية تجد قبولا كبيرا لدى صناع القرار فنجدهم يحرصون على تطبيق النظرية بشكل متوسع مع جميع وسائل الإعلام حاليا، الأمر الذي ينذر بانهيار صناعة الإعلام في مصر ، لانها صناعة تقوم في الأساس على الحريات ومن دون توافر الحريات تفتقد مصداقيتها لدى الجمهور .

مقالات اخرى للكاتب

خسائر الشركات الأمريكية مكاسب للشركات المحلية ..





اعلان